التواصل بين الثقافات
لأجل توفير الآليات الاجتماعية والثقافية والمعنوية النفسانية لحل أهم قضايا البشرية المعاصرة (التكامل العالمي وإنقاذ المحيط الحيوي وإزالة المشكلات والمخاطر العالمية وإنشاء نظام الإنتاج والاستهلاك المحافظ على الطبيعة الخ..) المعلمة في إطار المشروع على نطاق الكوكب لا بد من تشكيل ونشر الفكر الموحد الحركي وهو فهم العالم بشكل جديد ومضاد للأزمة. وهذا الفكر يجب أن يعتمد على الأخلاقيات الكوكبية (2) المبنية بدورها على أساس التركيب الروحي العالمي . وهذا التركيب يجوز إنشاؤه فقط بشرط الحل الوسط في القضايا المعقدة في الثقافة والوعي القيمي الرمزي.
توجد في رؤية العالم لدى الشعوب اختلافات جذرية في فهم وتقدير الفئات المعنوية الأخلاقية لقضايا الأخلاق والإيمان بالقوى العليا وبداية الكينونة والعملية الدينية والاستهداف والسلوك. لقد أبدت التجرية أنه حتى الاعتراف الموضوعي بالقيم البشرية العامة لم يجعلها بنفس الدرجة من الأولوية في الثقافات الاجتماعية والفنون وفي نظم التعليم والتربية في مختلف بلدان العالم. لا يقل أهمية أن العديد من المشكلات الاجتماعية (مثل حالة الفرد وحقوقه وحرياته) هي ملحة للسياسة الاجتماعية لدى العديد من الدول المعاصرة، ومع ذلك فإن أساس أية سياسة اجتماعية هي القيم الثقافية التاريخية المغذية للثقافة السياسية وأضيف لها طابع رسمي في النظام الوطني للقانون.
مثلما توقع خلال القرنين الأخيرين علماء الاجتماع والفلاسفة وعلماء المستقبل لقد بدأ القرن العشرين تحت علامة صراع الثقافات. لقد اصطدمت نظم قيم الشرق والغرب والمجتمع التقليدي والمحدث والحضارات القارية والجزرية في التناقضات المتفاقمة. من وجهة نظر الكوكب كله ليس من وجه الحق القول عن القيمة بأنها الأكبر أو الأصغر للأنواع الثقافية التاريخية هذه أو ذاك. لا بد من طرح قضية الحل السلمي للتناقضات وصراعات المصالح وأشكال الفكر. في هذا يستطيع أن يلعب الدور الأهم التواصل بين الثقافات وحوار الثقافات والحضارات الساعية وراء الحل الوسط والشراكة النافعة للجميع باسم الأهداف الموحدة في الحفاظ على النفس والعالم والتطور.
بواسطة التواصل بين الثقافات بالذات سنتغلب على المصاعب الواقعة على سبيل التكامل البشري لعموم العالم وحل المسائل العالمية. وفعلاً توجد مجموعة من مشكلات التكامل التي لها صفة ثقافية نفسانية واجتماعية أخلاقية، ومن أهمها هي:
- العالم المعولم موجود أما المجتمع العالمي فلا وجود له مثله مثل الإدراك العالمي،
- لم يتم إعداد التعليلات الروحانية الأخلاقية والقيمية لنماذج التكامل وعمليات حماية الطبيعة والاستخدام المشترك للموارد، على فكرة إن النماذج الشاملة والوسطية غير موجودة حتى الآن،
- تصور القيم البشرية العامة وحقوق الإنسان لا تتمتع بالولاء والاحترام العام ولا يتقاسمونها في العديد من الثقافات والأفكار بل العكس صحيح إنها تصطدم هناك بالنقد غير البناء والمقاومة،
- على الصعيد العالمي وفي كافة الصور الفكرية لم يتم قبول القيم الحيوية والبيئية بل بالعكس فبحجة مختلف التفاسير الدينية الزائفة هي تتعرض لتشويه السمعة والتخفيض،
- تنتشر كثيراً وتشتهر وتتمتع بالتأثير في مختلف بلدان العالم الطقوس المدمرة والطوائف الاستبدادية والسلطوية والأفكار التطرفية والمشربة بالروح الحربية التي تمثل خطراً على الحياة والصحة والحقوق والصحة العقلية للإنسان، وكذلك لسلامة وكيفية النظم البيئية وعالم الحيوان والنبات.
كل المشكلات المذكورة وغير المذكورة العامة والخاصة تحدد عموماً مجال استخدام الأخلاقيات الكوكبية. يجب حل المشكلات بالتغيير البناء لرؤية العالم وعقلية الناس بالأداء الوظيفي المرن على ساحة التواصل ما بين الحضارات والثقافات.
كما أن التواصل بين الثقافات بمثابة الوسيلة تستطيع ويتوجب عليها أن تستخدم في حل المسائل الثقافية للإدارة الكوكبية وبالذات:
- توفير التعاون ما بين الثقافات لكافة القوى الاجتماعية البناءة بغية إنقاذ الحياة على الأرض،
- تصميم وإدراج نظام التربية البيئية للناس اعتباراً من مرحلة التطور المبكر،
- إعداد الفكر الحيوي الشامل والأخلاق بناء على الحل الوسط للتركيب الروحي العالمي،
- إشهار القيم الحيوية والبيئية بكافة وسائل الإعلام والدعاية الممكنة،
- الحفاظ على الثقافات التقليدية والعرقيات التي أوشكت على الاندثار وكذلك تراثها التاريخي،
- القضاء على الطوائف والطقوس الاستبدادية والسلطوية والمدمرة،
- محو الأمية والتخلف.
أما الهدف النهائي للتواصل بين الثقافات من موقف المشروع على نطاق الكوكب (4) فبرأينا هو إنشاء النموذج الوسطي للحضارة حيث ستنفذ الشروط المقبولة من مختلف الشعوب والدول والثقافات في الوحدة الكوكبية.
نحن ندعو مستخدمي موقعنا إلى تبادل الخبرات في تنظيم التواصل بين الثقافات في القضايا الملحة للتعاون الدولي وحل المسائل الاجتماعية السياسية والثقافية والبيئة. كل الحالات المفيدة والناجحة يجوز أن تخدم تطور عملية الحوار ما بين الثقافات والبلدان والشعوب.