البيئة

إن مشكلات البيئة العالمية المعاصرة متنوعة وحادة جداً وذلك لأنها تشمل عملياً جميع مكونات البيئة الطبيعية للنشاط الحيوي لدى الإنسان، أي الطبيعة الحية والجامدة والموارد  الطبيعية والمناخ. عموماً تنحصر جوهرة مشكلة البيئة العالمية في استمرار الضرر المتزايد للكوكب من لدن الإنسان. يلحق ضرر جاد نتيجة النشاط الاقتصادي لدى الناس والاستخدام للطبيعة غير العقلاني والمسرف واكتظاظ السكان والتمدن والحروب والنزاعات المسلحة.

إن عملية تلوث البيئة المحيطة واستنفاذ الموارد الطبيعية لها تاريخ غابر الذي بدأ منذ توطين الجنس البشري للأرض واستيعابه لمساحات الحياة. وقد ازدادت هذه العمليات في مرحلة ظهور الإنتاج الصناعي ونمو المدن والتزايد السكاني ودعمت كذلك من لدن الثورات الصناعية. بلغ العبء البشري والتقني على بيئة الأرض ذروته في القرن العشرين، أما في بداية القرن الحادي والعشرين فقد بدأنا نتكلم عن العديد من العواقب التي لا رجعة فيها.

يجوز تصنيف مشكلات البيئة المعاصرة المعترف بها كعالمية بناء على مجال ظهورها وجوهرة وطبيعة المشكلة وأسباب ظهورها وطرق حلها.

   

الرقم

مجال الظهور

جوهرة المشكلة

الأسباب

1

الغلاف الجوي

1. 1. تلوث الجو بالغازات العادمة ومخلفات الاحتراق

1. 1. حرق الوقود والنفايات الصناعية والمنزلية والانبعاثات الصناعية إذ يبلغ القذف السنوي إلى الجو 15 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون و150 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت و50 مليون طن من ثاني أكسيد الآزوت و700 ألف طن من مركبات الكربون الكلورية الفلورية و100 ألف طن من المواد الكيميائية السامة و500 طن من الرصاص و10 آلاف طن من الزئبق

1. 2. ظاهرة الاحتباس الحراري

1. 2. تركيز الغازات الدفيئة في الجو، القضاء على الكائنات الحية، التأثير الحراري على الجو (بما في ذلك استخدام الضوء الكهربائي والتيارات من التوتر العالي)

1. 3. ترقق طبقة الأوزون (بنسبة 1-2% سنوياً) وتزايد مساحات ثقوب الأوزون، ويثير القلق بصورة خاصة ثقب الأوزون في القارة القطبية الجنوبية الذي بلغ مساحته 10 مليون كم² وحركته صوب القطب الجنوبي، كما ولوحظ انخفاض كمية الأوزون (بنسبة 6%) فوق المحيط المتجمد الشمالي.

1. 3. قذف المواد الضارة إلى الجو واستخدام المواصلات الجوية والسفن الفضائية

1. 4. انخفاض حصة الأكسجين في الغلاف الجوي

1. 4. تدمير وانخفاض العوالق البحرية التي توفر حوالي 70% من الأكسجين الداخل إلى الغلاف الجوي

2

التربة

2. 1. انحلال التربة أي زيادة تآكلها وانخفاض خصوبتها وتقلص الأراضي الزراعية من نصيب الفرد

2. 1. الاستخدام غير العقلاني للتربة لحاجات الإنتاج الزراعي وتربية الحيوان، وتلوثها بالنفايات، وتأثير سقوط الأمطار الحمضية والمستوى العالي من التلوث الإشعاعي الذري تقني المنشأ

2. 2. التصحر بما في ذلك تقني المنشأ (السام)

2. 2. تراكم الملوثات والتحمض والتملح

2. 3. التقلص السريع لاحتياطات الثروات الباطنية والموارد في البر

2. 3. تزايد حجم الاستخراجات الصناعية، الطرق السحطية للاستخراج التي تلحق الضرر

3

عالم النبات

3. 1. انخفاض المورثات

إزالة الغابات والتلوث الصناعي والتمدن

3. 2. تقلص مساحة الغابات ولا سيما الاستوائية

4

الموارد المائية

4. 1. تلوث المياه

4. 1. التصريف الصناعي والمنزلي والأمطار الحمضية

4. 2. النقص في مخزون المياه العذبة

4. 2. الاستهلاك المتزايد وغير العقلاني

4. 3. انخفاض وانقراض أنواع كاملة من الأسماك والحيوانات القاطنة في المياه العذبة والمالحة

4. 3. الصيد الصناعي وتلوث المياه بالتصريف بشري وتقني المنشأ

5

عالم الحيوان

5. 1. انخفاض العدد والمورثات

5. 1. الصيد بما فيه غير المشروع وقطع الغابات وانحلال وتدمير النظم البيئية وتغير المناخ

5. 2. تراكم في أجساد الحيوانات والإنسان المواد التركيبية الخطرة التي تؤدي إلى مختلف الأمراض وتحفز الطفرات المسببة للأمراض

5. 2. العوامل البشرية والتقنية المؤثرة على الطبيعة

6

النظم البيئية

تقلص مساحة النظم البيئية الطبيعية (من 0،5 إلى 1% سنوياً)

التدخل البشري والتقني إلى الطبيعة والتجفيف وقطع الغابات وتغدق التربة وكثرة القمامات

7

المناخ

التردي السريع لميزان الطاقة على الكوكب، فإن تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو خلال نصف القرن الأخير قد زاد بنسبة 20% فأحاط الكرة الأرضية بأسرها

ظاهرة الاحتباس الحراري والخطر الواقعي من الاحترار وذوبان الجليد في القطبين وإغراق الكثير من السواحل


حتى الوقت الراهن ظهرت ثلاث مساحات شاسعة ذات درجة عالية من عدم استقرار البيئة المحيطة وتبلغ حوالي 20 مليون كم² من البر (في حال الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية هي أقل من 10%)، وهذه المساحات في أوروبا وآسيا وأمريكا. فالدول الواقعة فيها في ظروف تطورها الاقتصادي السريع تزيد من قذف الملوثات الضارة.

ما زالت مشكلة حالة البيئة المحيطة تتعمق. فبعد نيف وعشرين عام من تحقيق استراتيجية التنمية المستدامة تم إنفاق على برامج حماية الطبيعة من جهة منظمة الأمم المتحدة وحدها عدة ترليونات دولار أمريكي. رغم بلوغ بعض التحسنات المحلية زادت حالة البيئة العالمية سوءاً بدرجة كبيرة وظهرت المخاطر والتهديدات الجديدة. وتفسير ذلك سهل وهو أن القانون الطبيعي الصارم اعتمدته والتزمت به الدول المتطورة فقط، وهي كذلك تخصص الأموال المناسبة لتمويل برامج البيئة. وعدا ذلك هي تشارك أيضاً في مساعدة أفقر الدول ما يؤدي إلى ارتباك وسخط العديد من النخبات التي تشعر بالظلم. بالطبع إن المتطورة من الدول تعترف بالمسؤولية التي تتحملها ضمن سياق المجهودات الدولية لتوفير التنمية المستدامة مع حساب الإجهاد الذي تسببه مجتمعاتهم للبيئة المحيطة العالمية والتكنولوجيات والموارد المالية التي تتمتع بها. ولكن كما أشير آنفاً إن الموارد المالية التي تذهب إلى بلدان العالم الثالث عملياً لا تغير شيئاً في اقتصادها، وهذا ليس لعدم كفايتها وإنما لأنها لا تستثمر في إنشاء السوق الحضارية للإنتاج والاستهلاك وإنما فقط تسد الفجوات المالية التي سرعان ما تظهر من جديد.

يجوز القول بأن البشرية الحالية قد وقعت في حالة أزمة البيئة المركبة، ونقصد من ذلك الحالة الطارئة من المحنة البيئية التي تتصف بالتغيرات السلبية الثابتة للبيئة المحيطة التي تهدد المحيط الحيوي بما في ذلك حياة وصحة الناس. وقد خلق هذا الوضع إثر العبء الاجتماعي وتأثيره الإنتاجي الفني على الطبيعة. وجوهرة الأمر بأن حجم هذا النشاط لا يطابق إمكانيات الموارد والبيئة لدى الأرض. نحن نريد أن نأخذ من كوكبنا ما أصبح هو الآن عاجزاً عن إعطائنا إياه. والأمر ينحصر في حجم متطلباتنا المتزايدة التي توقفنا عن السيطرة عليها، وهذا يعني بأن الوجه الآخر لأزمة البيئة هو التغير في المجتمع نفسه.

من المهم جداً الإدراك بأن مشكلات البيئة العالمية ظهرت على أثر ليس فقط تأثير الإنسان المتزايد على العالم المحيط وإنما كذلك من جراء تفاوت التطور الاجتماعي الاقتصادي في الأقاليم والبلدان والنظم الحكومية الاقتصادية والثقافات. ويحتاج حل هذه المشكلات إلى المجهودات الموحدة المنهجية الدولية باستخدام الوسائل الاقتصادية والقانونية والتكنولوجية.

نحن بانتظار المواد التحليلية والمبادرات والمقترحات القانونية في مخططات حل مشكلات البيئة العالمية من مستخدمي موردنا.

Subscribe